عصر السرعة

عصر السرعة

لو نظرنا الى تاريخ البشرية الذي يزيد عن ثلاثة آلاف سنة بعين متفحصة، واستعرضنا مراحل التطور وعلاقتها بالمدة الزمنية، للاحظنا ان السنوات المائة الاخيرة التي هي قليلة جدا، إذا ما قيست بعمر البشرية المحسوب، تبدو مختلفة وتحوي قفزات هائلة وسريعة في تطور الحضارة، فالعلاقة بين الزمن والتطور تتحول بسرعة الى طفرة في عصرنا، ليس من السهل استيعابها وربطها بما قبلها من عصور، ففي الماضي تربع الحصان على عرش افضل وسيلة للنقل على مر مئات السنين، والآن، وخلال عدد من السنوات فقط، انتقلنا من الآلة البخارية الى احدث وسائل النقل الحديثة بانواعها، وكان من يسافر الى عدد من البلدان ويرى الناس بحضاراتهم المختلفة، يدعى رحالة تاريخيا، ويفني معظم حياته في سبيل ذلك.
وفي عصرنا بات الجميع رحالة بمفهوم الماضي، بفضل ثورة النقل والاتصالات، ونرى يوميا من خلال التلفاز ما يدور في كل انحاء العالم من بيوتنا، وقد استخدم الانسان في حربه لمئات السنين، السيف والرمح والسهم.

انتقلنا نحن بسنوات من عصر البارود الى عصر القنبلة الذرية والصواريخ العابرة للقارات، وعلى ذلك نقيس في كل المجالات. نستنتج من ذلك ان مدى ما يحدث من تطور خلال 10 سنوات في عصرنا الحالي يوازي مئات السنين في العصور الغابرة، ناهيك عن تزايد السرعة كلما تقدم الوقت.. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ترى كيف سيكون مستقبل حاضرنا وما نحن فيه؟

قد يعتقد البعض انها بداية مرحلة مجيدة من الحضارة التي ستدفع بالبشرية الى آفاق مختلفة ملؤها الازدهار والرقي، ويراها البعض الآخر نذير شؤم وانه لا تفسير لهذا التسارع المخيف في التطور، الا انه عدو نحو الهاوية، على غرار نظرية ان ما يبنى بسنوات ينهار بلحظات، وان اسرع اللحظات هي لحظات النهاية.